{ خمسون موقفاً مع السيد الشهيد الصدر ( قدس سره ) }
{ المـوقف الأول من الجزء الأول }
( رأيته مرتين ) : الشيخ أبومحمد ألخفاجي
<< كنت مع السيد مصطفى الصدر مدير المكتب الشريف ومجموعة من الاخوة الاخرين , وكنا نحن اكثر تواجداً منهم في المكتب وذلك بحكم شغلنا فيه , وفي الحقيقة بالرغم من قربنا للسيد الشهيد (قدس سره) إلا أنه كان بعضنا يجهل شأنه ومكانته عند الله سبحانه وتعالى ، وكنا أيضاً نجهل مايريده وما يصبو إليه بوضوح , وكنا نعتبره كبقية المراجع من حيث الترتيب الشكلي الذي تعودنا عليه في المرجعيات التقليدية ، حتى كنا نستغرب بعض ما يقوم به الشهيد الصدر (قدس سره) من قرارات ويأمرنا بتنفيذها حتى يصل الأمر في بعض الاحيان الى أن يحصل النقاش بيننا حول هذه الأمور , ولكن سبحان الله فإننا نجد بعد فترةٍ أن هذا التصرف أو هذا القرار جاء في محله , وجنيت ثماره , وكان ذلك يتكرر بكثرة حتى أننا تعاهدنا بعدها أن نعمل وننفذ كل ما يأمر به مباشرة ومن دون أي نقاش ، ومن المؤكد أن أصبح أمر السيد ( قدس سره )هو أمر الله سبحانه وتعالى , وحينها بدا لنا جهلنا بمكانة ومقام شهيدنا المقدس , وعلى أية حال فمن بين تلك المواقف التي شاهدتها بنفسي , هو أنه من جملة برامج العمل اليومية لشهيدنا الصدر (قدس سره) أنه كان يعطي مواعيد خاصة لبعض الطلبة والمؤمنين وذلك لقضاء حوائجهم , ذلك أن فترة جلوس السيد أثناء الدوام كانت لاتكفي للأستماع الى الجميع ولهذا عمد ( قدس سره) الى هذا الأمر وهو بعد صلاة الظهر الذي هو وقت راحته . وأحياناً كان يتأخر اللقاء وكنت أنا مع السيد مصطفى الصدر ( رضوان الله عليه ) ننتظر السيد حتى يخرج من اللقاء ونبقى معه في المكتب ( البراني ) لعله يحتاج شيئاً من المكتب أو أمراً ما يتعلق بصاحب اللقاء , وفي يوم من الايام تأخر اللقاء وكان الجو حاراً جداً في شهر تموز ، وبيتي بعيد ، علماً أن سيارات النقل كانت نادرة في مثل هذا الوقت , ولهذا قال لي السيد مصطفى الصدر : ( إذهب أنت وأنا سوف أبقى مع السيد ) فقلت له : ( لعل السيد يحتاج مني شيئاً ) لأني وقتها كنت مسؤول المكتبة , وعلى أية حال أقنعني بالذهاب فخرجت من البراني وأنا متردد في الخروج , وبينما أنا أمشي في شارع الصادق الذي كان شبه خالٍ من المارة وذلك لشدة الحر , وفي تلك الأثناء رأيت شخصاً ( معقلاً ) طويلاً ، ضخم الجسم ولحيته قصيرة , وعندما إقترب مني إبتسم في وجهي وبادرني بالسلام وإذا به السيد الصدر(قدس سره) وإستمر بمسيره بأتجاه المكتب( البراني ) وأنا ذاهب الى المرآب الداخلي ، وفي هذه اللحظة بقيت أنظر خلفه وأنا في حيرةٍ من أمره , وفي اليوم الثاني ذكرت الموقف للسيد ( قدس سره ) وما رأيته , وقلت له : ( رأيتك في شارع الصادق معقلاً بعد أن تركتك في البراني جالساً ومعمماً ) , فأجابني بجواب مختصر ولكن يحمل في طياته أسراراً لايمكن أن يدركها إلا الأولياء , فقال: شوف , حجي عبد الزهرة يكول : الروح تشتغل بكيفها >> . إنتهى الموقف الأول .
تعليق الاشراف العقائدي التثقيفي للممهدون :
{ ونترك التعليق لك أيها القاريء الكريم , فنحن أقل ممن يفسر قصد السيد الشهيد ( قدس سره ) في إستشهاده بقول الحاج عبد الزهرة عن الروح وتحركاتها بمعزل عن الجسد وبعلم صاحبها , أو من دون علمه , خدمة للتكامل الذي يسعى له رب العزة (جل جلاله) من خلال المؤمنين } .